ملف المدار : النخبة القروية من القائد الى الاعيان ح 2
وعند دخول الهيبة إلى مراكش بدأ التهامي اتصالاته مع الفرنسيين وسيعمل-مع باقي القواد- على تيسير مهمة الكولونيل"مونجان" في طرد الهيبة والدخول الفرنسي إلى مدينة مراكش،وهي الفرصة التي أعادته إلى منصب الباشوية مرة أخرى. سيطر أفراد أسرة المدني الكلاوي على منطقة شاسعة،فكان الإخوة : حمادي خليفة ورزازات وقائد دادس وتودغة، وحسي باشا قصبة مراكش،ثم علال. والأبناء: عمر خليفة على مدينة دمنات،والطيب خليفة على أزيلال و محمد الكبير جندي ومحارب، ثم عبد المالك الذي كان المؤهل لخلافة والده، و سي حمو ابن عم المدني قائد تلوات الذي كان المنافس الأكبر للمدني. كانت الضغائن هي العملة المتداولة داخل الأسر القائدية بين الأبناء والأخوة، وهكذا عرفت أسرة الكلاوي تنافسا شديدا بين أفرادها من أجل الاستحواذ على السلطة والنفوذ.
وبعد موت عبد المالك بأيام توفي والده وكبير كلاوة الفقيه المدني، فخلا المجال أمام التهامي،الذي جمع بعض أفراد عائلته، وبحضور ممثل السلطان بمراكش استطاع أن يمنح لنفسه المشروعية، ويرث السلطة والزعامة بحكم علاقاته مع الفرنسيين،وتزكية ليوطي بعد الدخول الفرنسي إلى مراكش.حل محل المدني في زعامة الأسرة، و في قيادة القبائل الجبلية،كما استولى على ثروته،ووسع نفوذ كلاوة جنوبا وشرقا إلى مناطق متعددة تشكل مجالا ضريبيا وتمتد عبر: مسفيوة، غجدامة، فطواكة، توكانة، سكورة، إلى حدود وادي درعة.اكتسب ثروة كبيرة بعد اندماجه في الاقتصاد الأجنبي،وشراكته مع المؤسسات الرأسمالية.وقد حاولت الإقامة الفرنسية دفعه لتنفيذ مخططها القاضي بإقصاء السلطان محمد الخامس،وهي المؤامرة التي لعب فيها الدور الرئيسي،لكن فشلها عجل بذهاب الاستعمار، ونهاية التهامي الكلاوي الذي توفي يوم 30يناير 1956م.(1)
وأما القائد العيادي فهو ميلود بن الهاشمي بن أمبارك بن محمد بنزاوية بن أمبارك بن جعفر بن عبد الله بن عبد الرحمان الرحماني ولد حوالي1880م،ينتمي إلى أسرة معروفة بخدماتها المخزنية منذ قرون،مهدت له الطريق نحو القيادة بموجب ظهير حفيظي يوم12 ذو الحجة عام 1326هجرية الموافق خامس يناير 1909م ضمن مجموعة من القواد على الرحامنة.لقد برز مع السلطان مولاي عبد الحفيظ،ولأنه شارك مع قواد الجنوب في التوغل الفرنسي إلى منطقة الرحامنة ومراكش، وساهم في حملة سوس وتزنيت ضد حركة الهيبة، فقد منحه ليوطي وسام الشرف كصديق كبير لفرنسا.تمكن من توسيع نفوذه على حساب منافسيه،واستفاد من سياسية القواد الكبار بحيث ساير كلاوة في سلطتهم وثروتهم وكان حليفا لهم إلى حدود الخمسينيات من القرن العشرين حين رفض أن يدخل في مؤامرة التهامي الكلاوي ضد السلطان محمد الخامس.وبسبب موقفه هذا تعرض إلى الاعتقال والنفي،والإقامة الجبرية،وبعد رجوع الملك من المنفى،عاد القائد العيادي.
الدكتور عمر الايبوركي
الدكتور عمر الايبوركي
لا تعليقات في " ملف المدار : النخبة القروية من القائد الى الاعيان ح 2 "