إلياس العماري:الصدق والوطن ما يجمعنا داخل الحزب
محمد الجويري
كعادته دائما يخلق المفاجئة والاستثناء في مداخلاته,هذه المرة خلال لقاء تواصلي مع المنتخبين بمراكش يوم السبت الفارط,يخرج الرجل المثير للجدل عن المألوف بأن الصدق والوطن هو ما يجمع المناضلين بينما كان الحاضرون ربما يفكرون في شيء أخر,الايديولوجيا مثلا,أو القرابة,أو المصلحة لكن لا هذا ولا ذاك باستثناء استنتاج بسيط من رجل قوي داخل البام.
رسالة إلى كل من يهمه الأمر من المنتسبين للحزب بأن الصدق في العمل السياسي من حب الوطن ,والعكس صحيح,بل أن السيد العماري شدد من لهجة خطابه عبر الاشارة إلى رغبة الحزب في تغيير الوجوه بما فيها الحاضرة وهذا معناه أن البام يحمل في الايام القادمة استراتيجية جديدة في العمل الانتخابي والسياسي عبر معايير محددة للائحة وهذا يدل على أن لا أحد في مأمن من رياح التغيير رئيس أو مرؤوس,لا ولاءات ولا"باك صاحبي"هذا مضمون الخطاب على مستوى الظاهر,أما باطنيا فالأيام كفيلة بصدق القول أو أنه خطاب رجل سياسي لا يصدق أنه يجد من يصدقه.
نقطة ثالثة ختم بها عضو الكتب السياسي مداخلته هو طرحه لفكرة تقييم المنجز وغير المنجز حتى يستطيع كل منتخب الوقوف على مدى نجاحه أو فشله في مشاريعه.
كمناقشة للنقط الثلاث التي جاءت في لقاء العماري ,يمكن القول أن الصدق يبقى مسألة شخصية مرتبطة بالتربية وبالمعاملات أما أن نستعير المفهوم في السياسة فهذا فيه نقاش لاعتبارات متعددة أن السياسة مجال لصراع المصالح الخارجية والداخلية,ثم أن السياسة هي لعبة بين أطراف متعددة تتنافى ومعيار الصدق ,أما إذا كان السيد إلياس يقصد بالصدق ذلك القناع الذي يخفي النفاق السياسي فهذا شيء آخر لقد علمنا الساسة أن لا نصدق أحد فكيف يكون السيد العماري صادقا وهو واحد منهم,إلا إن كان هذا الرجل سيحطم القواعد ويخرج عن المألوف ليكتب من الصديقين"إنما الأعمال بالنيات ".
النقطة الثانية في المناقشة وهي مسألة التغيير إذا كان السيد العماري صادقا فهذا هو مطلب الديموقراطية ومنطق"لا يصح إلا الصحيح",لكن الرجل ربما تغافل ثقافة المنصب بالمغرب بما تحمله لصاحبها من سلطة ونفوذ يدفع مقابلها الأموال ويحارب من أجلها الخصوم في سبيل الحصول على كرسي تغطي به خروقاته .ماذا أعد البام لمواجهة مثل هؤلاء؟الأكيد أن عضو المكتب السياسي لا يتكلم من فراغ بل هو ممنهج ومقيد بأسلحة جديدة يفضل الحزب عدم الكشف عنها ,ليكتفي بالتلميح في الخطاب لكل المنتخبين بأن العاصفة ستحصد كل من في طريقها إلا من كانت جذوره قوية ليس بالمحسوبية والنفوذ, ولكن بصدق النية في العمل بالحزب من صالح الوطن.
النقطة الثالثة في المناقشة هي مسألة التقييم التي ربما يجب إعادة النظر فيها داخل الحزب بشكل جدي ,هي عنصر مهم ولكنه غير مفعل على مستوى الأقاليم والجهات وربما حتى على المستوى الوطني,السبب هو غياب معارضة داخلية داخل البام كعنصر أساسي للتقييم من خلال نقدها الفعال للمنجز وغير المنجز,على الأقل أن غياب المعارضة مثلا داخل الرحامنة والتي من شأنها أن تغني المشهد السياسي بالمنطقة جعل من البام الحزب الوحيد الذي يأخذ باليمنى ويمنح باليسرى,غابت المعارضة الخارجية وغابت المعارضة الداخلية فغابت الديموقراطية والتقييم.
ما يجب أن يعرفه السيد العماري باعتباره مسؤول عن الجهة مستقبلا هو أن خطاب القيادة الوطنية يتماشى مع توجه المناضلين داخل الحزب على الأقل بالرحامنة وربما بالمغرب كله,حيث تم تناول ما جاء في اللقاء التواصلي للعماري مع المنتخبين داخل مقر الحزب داخل الاقليم ,لكن عدم تقبل النقد الذاتي وليس جلد الذات,والدوغمائية في التسيير المبنية على القرارات الانفرادية مع عدم التعميم طبعا تحول دون تقييم عمل الحزب بالمنطقة لا على المستوى التنموي أو السياسي,وهذا ما عبر عنه إلياس العماري برياح التغيير في إشارة إلى عدم الصدق في احتواء المناضلين الذين هم ركيزة الحزب وكذلك في عدم التصالح مع الذات عبر وقفة تأمل من طرف المنتخبين من أجل تقييم وضع الحزب بالاقليم,لأن من يعرف خبز الدار ليس العماري أو القيادة الوطنية,ولكن"مول الدار هو لكيجيب لخبار".
لا تعليقات في " إلياس العماري:الصدق والوطن ما يجمعنا داخل الحزب "