الديمقراطية واغتيال الشباب
هيئة التحرير:
ثمة سؤال منطقي لماذا الاهتمام بنتائج الانتخابات بابن جرير ؟
بكل بساطة لان العالم القروي هو بنية مغلقة انتخابيا, و بالتالي يصعب الحديث عن تجربة ديموقراطية في ظل هيمنة التصويت القبلي و العائلي .
انتهت الانتخابات و افرزت نتائج الى حد ما متوقعة وغير مفاجئة , و البعض اعتبرها محسومة على اعتبار عينة المصوتين سواء المتحزبين و الفيئات التي تعيش وضع الهشاشة و التي صوتت بمقابل .
النتائج المحصل عليها و طبيعة البنية المشكلة لتركيبة المجلس البلدي , و التي يمكن رصدها كالتالي :
اولا : ان هوامش المدينة و التي تحتضن ساكنة قروية لم تخرج عن نهج الناخب المغربي القروي الذي صوت لفائدة حزي معين مما يطرح اشكالية ضم الهوامش للمجال الحضري , مما يفرض التفكير في تمدين الهوامش وليس ترييف المدينة حيت سجل ان الفارق المسجل بين لائحتي الاصالة وباقي الاحزاب كان بسبب تصويت الاحياء الهامشية الملحقة حديثا بالنفوذ الترابي للبلدية .
ثانيا : تناقص الاصوات الملغاة وهو امر ايجابي .
ثالثا:منسوب المال المتدفق نحو الناخبيين كان بشكل غير مسبوق مع تسجيل الحياد السلبي للسلطات الامنية اتجاه الظاهرة بحسب الكثير من المتتبعيين والمهتمين .
بالعودة الى قيمة أي مشروع يتحقق عبر نتائجه فان مسار الانتخابات البلدية أثمرت استبعاد اسماء شبابية و تشكيل مجلس اقرب الى مجالس الوجاهة الاجتماعية, الاستبعاد الغير المبررموضوعيا في غياب مؤشرات او معايير دقيقة , يطرح اكثر من سؤال و يقود الى التفكير و التذكير بما وقع :
السؤال الاساسي لماذا الإصرار على اقصاء اسماء شبابية من- لائحة انتخابية بعينها- حضيت بالقبول و المساندة في غياب أي تفسير منطقي و موضوعي ؟
يبدو ان ثمة فرضية تفسيرية لما وقع من حيت ان منطق الاستبعاد هو الخوف من فريق عمل شاب يملك فعالية كبيرة اكسبته قبولا لدى الناخب المحلي , وا ن المحطة الانتخابية المقبلة ستكون محسومة لو منح الشباب فرصة التواجد و الحضور وتدبير شؤون المدينة في التجربة الحالية , وحده الخوف كان السبب وراء الابعاد على ما يبدو ؟؟
الابعاد رسخ ممارسة سياسية عدائية تستعيد رؤية المفكر الالماني كارل شميد- باعتباره المنظر الايديولوجي والمستشار السياسي لهتلر – حين اعتبر ان السياسة هي القدرة على اكتشاف الاعداء والقضاء عليهم , لكن رؤية كارل شميد ارتبطت بمنطق الدولة في حالة حرب خارجية, وليس هو نفس منطق الدولة المغربية في تدبير المجالات الترابية المؤسس على اقتسام السلطة و المواطنة الايجابية و المشاركة والمواكبة والمصاحبة من طرف سلطة الوصاية .
استبعاد الشباب في غياب تبريرات منطقية يعيد لنا تفاصيل الدرس السقراطي و لو بشكل مقلوب
سقراط الفيلسوف الحكيم اعدم بتهمة افساد عقول الشباب والتهكم على شيوخ المدينة و والهة اليونان ,
سقراط خلال الحرب البلوبينيزية بين اسبارطة واتينا دعا الى ايقاف الحرب والكف عن خطابات الحماسة وايديولوجيا طبول الحروب و الدمار معتبرا ان الضحية الوحيد من الحرب هو الشباب والذي يموت لكي يستمر الشيوخ / الاليغارشية في الحكم , وكأن البقاء في السلطة مشروط بالتخلص من الشباب و رميهم في حروب لا تنتهي و لا يراد لها ان تنتهي , لذا اتبر سقراط ان الحرب هي سياسة انتحارية تدمر و تضيع شباب المدينة ؟؟؟
اعدم سقراط دفاعا عن الشباب و دفاعا عن نظام سياسي يعادي الحروب و يدعو الى بناء المدينة على اسس الحوار والفضيلة و التعاون و العيش المشترك .
ما وقع بمدينتنا هو درس سقراطي معكوس حيت اعدام الشباب – العبارة تحمل بعدا رمزيا اشارة الى التدمير السياسي – لكي يعيش الكبار اصحاب المصالح ويستمروا في السلطة ؟؟
حكمة سقراط انه مارس الحكمة ودافع عنها في شوارع اتينا حافيا و الحكمة في نظره هي الانصات لصوت العق و البحث عن صيغ العيش المشترك المؤسس على المحبة والتضامن التفاعل الايجابي,
لكن الحكمة تزعج و تؤلم لذا اعدم سقراط لكي يستمر صوت الانفعال والعاطفة و ترسيخ البعد الانتقامي في العمل السياسي .
بلا شك الدرس السقراطي يؤكد ان الديموقراطية لا تبني بدون شباب , وهو امر مؤكد فكل الانظمة الشمولية و المستبدة تحول الشباب الى قوة للقتل عبر كثافة التجنيد و عسكرة الشباب مثلا النازية والفاشية .
ان يستبعد الشباب الفاعل سواء الابعاد الخارجي , او من خلال الابعاد الداخلي وانتصار التيار المؤسس المحافظ على تاريخ الحزب بالمدينة دون اعتراف بجهود الشباب وكفاءاتهم ومصداقيتهم في الشارع المحلي وحتى الوطني .
الفرضية الاكثر قبولا لما وقع ان منطق الاقصاء تأسس على اساس معاداة الشباب و الخوف منهم و من فعاليتهم , و هم ما يشكل توجها غير سليم ومعاد لاسس الديموقراطية كنظام للفعل و القرب من المواطن , صحيح ان الديموقراطية طريق للسلطة باسم الشعب, لكنها ليست غاية في ذاتها بل هي مجرد و سيلة باعتبارها السلطة المنتجة للخدمات و للرفاهية و ابداع الحلول و ليس طريقا للوجاهة الاجتماعية و حماية مصالح الكبار؟؟
ان يعادى الشباب فالامر مقلق فعلا و يعاكس كل التوجهات الملكية السامية والتي تدعو الى الاهتمام وفسح المجال للشباب من اجل سياسة حية ومتفاعلة تتجاوب من انتظارات المواطنيين تسقي العطشان وتكسي العريان و تطعم الجائع و تجد السكن وتنظف المدينة و تصنع الرفاهية ؟؟
ان فعل الابعاد هو الاقامة خارج العصر الشبابي فالواقع العربي الان يتحرك على ايقاع شبابي , و السباب صنع التغيير قد يكون تغيير مدمرا في كل الانظمة العربية التي عادت الشباب و اجتهدت في معاداته و العمل على مصادرة احلامهم والنتجة كم هائل من الخراب والموت و شلالات الدم.
الشباب والدرس الانتخابي
لا تعليقات في " الديمقراطية واغتيال الشباب "