رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس المجلس البلدي لابن جرير، الأستاذ عبد العاطي بوشريط.
1) رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس المجلس البلدي لابن جرير، الأستاذ عبد العاطي بوشريط.
تحية وبعد، يطيب لي أن أخاطب فيك المسؤول والجمعوي وقبلهما رجل التعليم المشهود له بالكفاءة ورجاحة الحسّ التربوي، كما أقدّر أنه يحق لي -وأنا تلميذك السابق- أن ألْحن قولا في حضرتك وأن أقلب المعقوفة في تحديد مجال تعريف الدّالة لأصوغ تساؤلات
أقرب لفروض الأساتذة الأجلاء (العمري والعلوي وبلعيد)، منه إلى لغة الخوارزمي التي صالحتني معها يوم أجبرتني على حل المعادلة، وأشرفت شخصيا على تغيير توجهي نحو علم الاقتصاد.
أستاذي الفاضل،
ها أنت اليوم رئيس، أتنوي السير على منوال السلف أم تستشرف تميّزا يذكرك به التاريخ؟ يبدو الأمر يسيرا في منطق الرياضيات الذي تتقنه، لكنه يحتاج شجاعة مع ثوابت ومتغيرات المسألة. تكفيك نظرة للتاريخ القريب لتعرف كم كان الإجحاف حليف فئات واسعة من ساكنة المدينة التي تشرف على رسم خريطتها، في الوقت الذي حابت فيه التجربة السابقة فئة محظوظة كان سلاحها المال والقرابة والمحسوبية وطائفة الحزب وتوصيات الأوصياء. هي فرصتك إذن للتكفير عن أخطاء ساهمت في تكريسها فيما سبق من عمر مسؤوليتك.
أستاذي الجليل،
أيرضيك أن تشيح النظر عن وقفات المعطّلين وأنت تعرف أنه بإمكانك صنع "الحل"؟ لا عذر لك هذه المرة، قبل طقطقة طابعك على مشروع الميزانية، يجذر بك مراجعة فضلات المصاريف. فقد خبرتَ الفصول ومكامن ضعفها أمام شراهة من ألِف صنابير المال العام. هم أولى بسندات الطّلب، هم أولى بالأكشاك، هم أولى بالمناصب على قلّتها وعلاّتها.
أيرضيك أن تشيح النظر عن وقفات المعطّلين وأنت تعرف أنه بإمكانك صنع "الحل"؟ لا عذر لك هذه المرة، قبل طقطقة طابعك على مشروع الميزانية، يجذر بك مراجعة فضلات المصاريف. فقد خبرتَ الفصول ومكامن ضعفها أمام شراهة من ألِف صنابير المال العام. هم أولى بسندات الطّلب، هم أولى بالأكشاك، هم أولى بالمناصب على قلّتها وعلاّتها.
أيرضيك أن يُضخّ مال الشعب في حسابات جمعيات لا وجود لها إلاّ على الورق؟ تعرف أن كثيرا من النّاس استلذّ، وبشكل فاضح، أموال البلدية، يؤجلون صباغة البهو وتأثيت الصالون إلى حين "عطف" فصل الثقافة و الرياضة و ما على شاكلتهما. تعي كذلك أن الجمعيات "الكبرى" التهمت أكثر مما أعطت، فكثيرا من الترشيد وقليلا من المحاباة يكفي لتوفير الملايين. ولا تنس أن من الجمعويين الفضلاء كثر هُمشوا وأغلقت في وجوههم منافذ الدعم لا لشيء سوى أنهم نزهاء، فإليهم الاهتمام وردّ الاعتبار.
أيرضيك أن تُنتزع أراضي المعوزين لتُنشأ عليها "المصلحة العامة" في الوقت الذي تُفصّل المسالك والمنعرجات لتفادي جرح مشاعر النّافذين؟ أيرضيك أن يغرق الفقير في مستنقع تعقيدات الرّخص في الوقت الذي تمنح للمقرّبين عبر الهاتف وأحيانا خارج الضوابط؟ شيء من الحزم يكفي ليذكرك النّاس بالخير وتنال من الدّعوات ما يعضّد زيارتك الميمونة لبيت الله.
أيرضيك أن تُنتزع أراضي المعوزين لتُنشأ عليها "المصلحة العامة" في الوقت الذي تُفصّل المسالك والمنعرجات لتفادي جرح مشاعر النّافذين؟ أيرضيك أن يغرق الفقير في مستنقع تعقيدات الرّخص في الوقت الذي تمنح للمقرّبين عبر الهاتف وأحيانا خارج الضوابط؟ شيء من الحزم يكفي ليذكرك النّاس بالخير وتنال من الدّعوات ما يعضّد زيارتك الميمونة لبيت الله.
السيد رئيس المجلس الحضري،
هذا غيض من فيض (هناك ملفات حارقة أخرى تنتظر الحل: الفراشة، السميسي...) فلا غرو في أن أذكّرك أن مراعاة مصالح النّاس تستوجب لزوم المكتب وإن كان في الأمر جسامة مسؤولية لا يدريها إلاّ خبير تواصل أو قاض عادل في بلد الحرمان والظلم.
لا عيب في أن أهمس لك بأن التفويض الذي ستمنحه للبعض سيُستغل في غير محلّه، وسيقصدك متضررون كثر يشكون لك ظلم وتحيّز ولا مبالاة هؤلاء، فاجعل عنوانك "لا تساهُل، لا تسامُح، لا محاباة، لكلّ ذي حق حقه".
هذا غيض من فيض (هناك ملفات حارقة أخرى تنتظر الحل: الفراشة، السميسي...) فلا غرو في أن أذكّرك أن مراعاة مصالح النّاس تستوجب لزوم المكتب وإن كان في الأمر جسامة مسؤولية لا يدريها إلاّ خبير تواصل أو قاض عادل في بلد الحرمان والظلم.
لا عيب في أن أهمس لك بأن التفويض الذي ستمنحه للبعض سيُستغل في غير محلّه، وسيقصدك متضررون كثر يشكون لك ظلم وتحيّز ولا مبالاة هؤلاء، فاجعل عنوانك "لا تساهُل، لا تسامُح، لا محاباة، لكلّ ذي حق حقه".
أستاذي،
اِزهد في المنصب يأتيك صاغرا طيّعا. اِعلم أن النّية الصادقة وصفاء السريرة لا يكفيان أمام جشع وطمع محترفي سياسة الانتفاع الشّخصي الأناني والبحث عن الاغتناء السريع. اِعلم أن البطانة الفاسدة ستحسب كلّها عليك. اِعلم أن اختيارك للقيادة قد تشوبه حسابات مُضمرة أخرى، وقد تجد "فرعا شلجميا" لا يظهر على منحنى الدّالة.
اِزهد في المنصب يأتيك صاغرا طيّعا. اِعلم أن النّية الصادقة وصفاء السريرة لا يكفيان أمام جشع وطمع محترفي سياسة الانتفاع الشّخصي الأناني والبحث عن الاغتناء السريع. اِعلم أن البطانة الفاسدة ستحسب كلّها عليك. اِعلم أن اختيارك للقيادة قد تشوبه حسابات مُضمرة أخرى، وقد تجد "فرعا شلجميا" لا يظهر على منحنى الدّالة.
أستاذي الفاضل،
قد تستغرب و سيستغرب كثيرون لغة رسالتي هاته (أعرف جيدا أن منهم من يتصل ليستجدي معروفا في السر و يلعن في العلن !)، وأنا المقاطع للانتخابات، والمعارض الشرس لكيفية تدبير "المشروع"، والذي لا مصلحة له في الأمر. أوردتها بداية وأكررها، خاطبت فيك أستاذي أكثر من أي صفة أخرى، ولا يحق لأحد أن يناقشني أو يحاسبني تبعا لذلك، خاطبت فيك رجلا -وإن اختلفت معه جذريا- مازلت أكن له نفس الاحترام والتّقدير الذي حملته له منذ نهاية الثمانينات. خاطبتك لأنني أعرف مكمن الطيبة فيك والتي أتمنى ألاّ يعلوها صدأ حبّ الجاه.
قد تستغرب و سيستغرب كثيرون لغة رسالتي هاته (أعرف جيدا أن منهم من يتصل ليستجدي معروفا في السر و يلعن في العلن !)، وأنا المقاطع للانتخابات، والمعارض الشرس لكيفية تدبير "المشروع"، والذي لا مصلحة له في الأمر. أوردتها بداية وأكررها، خاطبت فيك أستاذي أكثر من أي صفة أخرى، ولا يحق لأحد أن يناقشني أو يحاسبني تبعا لذلك، خاطبت فيك رجلا -وإن اختلفت معه جذريا- مازلت أكن له نفس الاحترام والتّقدير الذي حملته له منذ نهاية الثمانينات. خاطبتك لأنني أعرف مكمن الطيبة فيك والتي أتمنى ألاّ يعلوها صدأ حبّ الجاه.
وفي انتظار رسالة أخرى تقبل تحياتي الصّادقة.
تلميذك عبد الغفار الموفق.
لا تعليقات في " رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس المجلس البلدي لابن جرير، الأستاذ عبد العاطي بوشريط. "