احمد اخشيشن رئيسا للجهة , مهمة خاصة .
احمد اخشيشن اليساري السابق واحد مؤسسي حركة لكل الديمقراطيين و وزير التربية الوطنية السابق , و عضو طاقم فؤاد الهمة بالديوان الملكي يترشح وكيلا لانتخابات الجهة في لائحة الجرار لحزب الأصالة والمعاصرة .
الخبر خلق حالة من الاندهاش والصمت , و انتج الكثير من أحاديث المقاهي دون أن يتحول إلى نقاش عمومي حول الحدث و ابعاده ؟؟
قيمة الخبر تنبع من قيمة الرجل وو ضعه الاعتباري , و قربه من صديق الملك و مهندس التحالفات السياسية ان لم نقل موجهها فؤاد عالي الهمة .
الانتقال من الرباط الى مراكش ليس انتقالا جغرافيا فحسب لكنه انتقال سياسي , لان على ما يبدو ان الرجل على دراية بجغرافية جهة جد معقدة و ببنيات متشابكة تحتاح الى الكثير من الجهد والاستثنائية من اجل تدبيرها معالجة الاشكاليات المرتبطة بها كجهة متناقضات , اظافة الى مهمة سياسية تشكل رسالة لمن يشككون في مشروع الجهوية الموسعة كاطار و خارطة طريق للحكم الذاتي .
ترشح اخشيشن يتيح التفكير و تحويل القرار الى موضوع للتامل , بعيدا عن منطق الشخصنة وربط الحدث بالشخص و علاقاته وقربه من شخصيات نافذة , ولكن من خلال فهم الحدث في اطار خصوصية المرحلة الحاسمة والتي اعتبرها جلالة الملك مصيرية في تاريخ المغرب في خطابه الاخير لذكرى عشرين غشت 2015 .
اولا: زمن سياسي متغير و المغرب يدخل عتبة ثورة جديدة .
يبدو ان التغير امر ثابث و كل شي متغير / مقولة هراقليطس , غير ان اغلب الانظمة السياسية تحارب من اجل الحفاظ على الوضع القائم و معاداة التغير , وهنا يمكن الحديث عن منطقين لنظام الحكم : منطق يؤمن بالثورة والتغيير و محاربة السكون / الانظمة الثورية , و منطق يهدف الى المحافظة على الواقع / الانظمة المحافظة التي تعادي التغير وتحاربه .
تجربة المغرب خلال و بعد تجربة الربيع العربي-التي تبخرت فيها الانظمة الصلبة و اندثرت – حتى تلك التي حاولت العودة صنعت جحيما , وفتحت ابواب جهنم عبر ثورة مضادة انتجت كما لا نهائيا من الحزن و شلالات من الدم , انظمة لم يستطيع حتى احصاء موتاهم المقتولين غدرا . / مصر وليبيا نموذجا . اما التجربة المغربية فالمهتم يجد صعوبة في إحصاء المنجزات و المكتسبات المحققة عبر مشاريع عملاقة و مهيكلة و مخططات صنعت مغربا جديدا .
تجربة المغرب بقيادة جلالة الملك رسخت منطق الاستثناء بترسيخ نموذج ثالث او طريق ثالث للسلطة والدولة حيت التغيير داخل الوحدة / التوابث .
التجربة المغربية شكلت اسثتناءا عربيا في تدبير التنوع والتعدد واستثمار الاحتجاج ومطالب التغيير , البعض انتظر انتهاء المعركة والبعض الاخر راهن على الية القمع لكي يعود المغرب الى زمن الرصاص , و البعض اعتبر ان النظام خائف مرتجف وانه قد يقرر حذف شهر فبراير من السنة والاكتفاء باحدى عشر شهرا , و الكثير من الاماني لاعداء الوطن بالداخل والخارج , لكن الدرس الفبرايري و تجاوب الملك صنع معادلة جديدة تعتبر اسثتناءا حين تحولت شوارع المملكة الى فضاءات عمومية للممارسة السياسية في بعدها الاحتجاجي والنضالي و بلغة مسؤولة .فكانت تجربة 20 فبراير لحظة ديموقراطية حيت تم الاحتكام الى الفضاءات العمومية, والتي اصبحت مجالا للتواصل والحوار و الانصات العمومي , وفق ماذهب اليه مفكر مدرسة فرانكفورت يورغن هابرماس ان الديمواقراطية تتحقق بانفتاح الفضاءات العمومية و الابتعاد عن المجالات المغلقة والمسيجة .
هذا الحوار انتج بداية طريق لثورة مغربية هادئة نحو المغرب الممكن بعيدا عن لغة الشعارات والاحلام الكبرى و اقامة الخلافة و استعادة مجد عمر بن الخطاب و ابلسة المخزن وشيطنته , وانما عبر ترسيخ تقافة التشارك و المواطنة الايجابية .
هدة الثورة الهادئة التي تحلم بالمغرب الممكن والمغرب الملون – ليس كما يحلو للبعض ان يلونوا مساحات الوطن بالسواد ,انه المغرب الفسيفيسائي حيت التعدد والتنوع ثروة و غنى .
هذا المغرب الجديد الي ولد , قوته تكمن في كونه مشروعا لم يكتمل , وهو ما عبر عنه جلالة الملك ان ما تحقق كثير ولكنه غير كاف , فمغرب محمد السادس هو مغرب مشروع يتجدد ويتطور كل يوم عبر رؤية ملكية تستلهم مطالب شعب باكمله في اطار تضامني موحد .
غير ان تفعيل هذه الثورة لا يتحقق الا عبر مأسسة / تحويله الى مؤسسات , من خلال ايجاد مؤسسات فاعلة ومتفاعلة مع محيطها, وقادرة على مواجهة الواقع والتاثير فيه ,و لعل من اهم المؤسسات المعول عليها مؤسسة الجماعات الترابية و مؤسسة الجهة .
فالجهوية ليست تمرينا سياسيا او لعبة ديموقراطية , كما يحلو للبعض ان يسميها, لكنها مصير وطن وحلم ملك , تطبيقها مرتبط بحسن تنفيذها , وهو ما يفترض اساسا البحث عن العقول و الأيادي والقلوب و الدعاء وكل جهد ولو كان صغيرا لانجاح هذا المشروع الكبير والمصير ي .
ثانيا : اخشيشن و تنفيذ مهمة رئاسة الجهة .
في خطاب جلالة الملك الاخير اكد ان تطبيق الجهوية المتقدمة هي عماد مغرب الوحدة الوطنية والترابية، والتضامن بين الفئات، والتكامل والتوازن بين الجهات .
بهذا المعنى فالمغرب ينطلق نحو المستقبل عبر الانفتاح على المحيط و الاهتمام بالهوامش وترسيخ فلسفة القرب , بعيدا عن سياسة مركزية متحكمة و علوية لا تهتم بالخصوصيات وتقصي التنوع , فاختيار الجهوية هو التجسيد الفعلي لمفهوم الديموقراطية التشاركية و الحكامة الترابية من خلال منح المواطن فرصة تدبير شؤونه .
بهذا المعنى سيكون المواطن مسؤولا عن سوء معيشه ومعاناته ان اساء اختيار مرشحيه , وفق دلالات الخطاب الملكي , فالمواطن سيظل يحمل معاناته على كتفيه طيلة مدة الانتداب , وبذلك سيعاقب نفسه بنفسه , و تكون الديمواقراطية هي النظام الذي يسمح للمواطنيين بمكافاة انفسهم او معاقبتها تبعا لنوع الاختيار .
في هذا الاطار قد يفهم ان ارسال احمد اخشيشن الى تنفيذ مهمة معقدة كان امرا حاسما لمن يتولون تدبير امور حزب و لد اصلا من اجل مهمة محددة وكانه كوموندو سياسي , وظيفته اداء مهمات خاصة محددة في الزمان والمكان .
فترشح الرجل هو اقرب الى اداء مهمة خاصة منه الى قرار اختياري وفق قناعات شخصية على ما يبدو , فان يترشح رجل من قيمة وقامة احمد اخشيشن باقليم هو اعترف بنفسه انه لم يولد به وليست له به علاقة كبيرة , حين اجاب بصراحة كبيرة احد ابناء الاقليم حين حاول التقرب التقرب اليه و مغازلته بعد اعلانه وزيرا ؟؟؟؟
الرجل يساري التكوين و منظر فكرة التعبئة الاجتماعية كفكرة تقوم على تكثيف الجهود الجماعية باستلهام روح الجماعة لتحقيق عمل كبير يتجاوز و يحقق عوائد اجتماعية وفوائد جماعية , وهي افكار سبق ان طبقتها منظمة اليونيسيف لاسيما في مشروعي الاشتغال زنقة زنقة، ،ودار دار لتلقيح الأطفال .
يبدو ان تاريخ الرجل و قربه من مصادر القرار و التأثير في السياسات العمومية , و تكوينه اليساري و الأكاديمي شكلا على ما يبدو قناعة أساسية لمنحه تأشيرة الترشح لشغل مهمة رئيس الجهة وفق الصلاحيات الجديدة .
هدا الاختيار ليس محكوما فقط بإمكانيات الرجل و قربه من مصادر القرار, ولكن لان اغلب التجارب السابقة لتدبير شؤون الجهة سواء تجربة عبد العالي دومو او تجربة حميد نرجس وتجربة احمد التويزي كلها تجارب لم تحقق النجاحات المنتظرة , لاسيما التجربة الأخيرة والتي عرفت حالة من التسيب والفوضى في تدبير شؤون الجهة و هيمنة تيارات على حساب أخرى , و التفكير بمنطق توزيع الفوائد وان كان توزيعا ديموقراطيا على المقربين بحسب ما يتم تداوله و البوح به في سفريات اقرب الى السياحة .
يبدو ان قرار ترشح احمد اخشيشن صاحب البرنامج ألاستعجالي لوزارة التربية الوطنية , و تصور التعبئة الاجتماعية الشاملة المدعم من طرف اليونيسيف , هو السياسي اليساري الذي يجيد الإقناع و مخاطبة الراديكاليين ليس بالمهمة السهلة و البسيطة , بل ان البعض يعتبر قرار الترشح تعينا اكثر منه ترشيحا , في ضل جغرافية سياسية معقدة لجهة التناقضات , و في زمن سياسي صعب حيت الرهان على إنجاح تجربة الجهوية الموسعة كمدخل لإنجاح مخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية , لاسيما ان احمد اخشيشن مقبول لدى الأوساط الأكاديمية و السياسية المتطرفة و التي تدعم أطروحة الانفصال .
يبدو ان مهمة اخشيشن هي مهمة سياسية بالدرجة الاولى من خلال العمل على انجاحها , و بالتالي تسويق فكرةالجهوية الموسعة كاطار لحل مشكل الصحراء في اطار التوابث المغربية .
غير ان المستغرب فعلا ان الاصوات التي عارضت بشدة فكرة ترشحه كوكيل لحزب الاصالة والمعاصرة هي اصوات تنتمي للحزب نفسه , و هو ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول طبيعة حزب اغلب يبحث اغلب المنتسبين اليه يبحثون عن مصالح وارباح فورية وسهلة دون عناء دون التفكير في رهانات وابعاد مشاريع واوراش ملكية تجعل من المغرب استثناءا و نموذج لتدبير مستقبله بحكمة .
من ينتقد ترشح احمد اخشيشن بدعوى انه لم يولد بالاقليم , فبول باسكون كان اكثر دفاعا عن الاقليم من ابناء الاقليم انفسهم , وان كان من باب الموضوعية التذكير ان علاقة اخشيشن بالاقليم علاقة باردة ان حاولنا استحضارتجربة التهامي الخياري حين كان وزيرا ولو على سبيل المقارنة ؟؟؟؟
العياشي الفرفار
لا تعليقات في " احمد اخشيشن رئيسا للجهة , مهمة خاصة . "