هنا الارهاب,هنا منبع التطرف...
..
اليوم وبعد ليلة شابها نوع من الحزن والغموض حول تهديد احد الاصدقاء بحرق نفسه والانتحار على صفحته الفايسبوكية والتي عدل عنها فيما بعد بدعوى اختراق حسابه من طرف مجهول ليزرع الرعب في معارفه ومحبيه والانسانية جمعاء,لم استنتج شيئا اخر غير الحس بالانهزامية امام وضع كهذا,وتخيلت فعلا لو كانت تلك هي الحقيقة ماذا عسانا نفعل امام الدقائق الاخيرة من ذلك الفعل الموسوم بالدمار والتطرف ضد النفس..فعلا انه ارهاب ضد الاخرين وزعزعة لنفسيتهم وتبسيط الفعل امامهم ليتناسل ويصبح كما نشهد مؤخرا فعلا عاديا لا ننتبه له سوى في لحظة السقوط ثم بعد ذلك يعود الكل أدراجه يسترسلون الذكريات بحزن مؤقت تليه حليمة وعاداتها القديمة وكأن شيئا لم يقع..كلنا نعلم ما هو الانتحار,انه اختيار النهاية بشكل وبطريقة نراها مأساوية لكن الفاعل يراها الانسب للهروب من مكر الواقع وجبروته,وكما حدده دوركاييم في كتابه ودراساته السوسيولوجية فانه انواع,منه الانتحار الأناني: عندما يكون ارتباط الفرد بالجماعة ارتباطا ضعيفا يبدو الفرد فاقدا لتأثير الجماعة عليه، وبالتالي لا يُعير أي اهتمام لجماعته إذا ما ساوره أي ميل للانتحار بسبب بعض المشاكل الطارئة، كما أنه في هذه الحالة لا يعتقد بأن انتحاره سيرتب أي نتائج على الجماعة
الانتحار الغيري: وهو الانتحار الذي يرجع إلى شدة اندماج الفرد في الجماعة حتى أنه يفقد فرديته، ويفسر هذا الاندماج نفسيا بشدة شعور الفرد بالواجب إزاء جماعته حتى أنه يصبح مستعدا أن يضحي بحياته من أجل الجماعة إذا كانت هذه التضحية ضرورية. ويقول دوركايم أن هذا النوع من الانتحار يوجد غالبا في المجتمعات التي تتميز بالتضامن الآلي. أي أن المجتمع هنا يدفع الفرد للانتحار. ويطلق دوركايم على هذا الشكل «الانتحار الغيري الإجباري». ويتمثل هذا بانتحار القائد في بعض البلاد عندما يخسر إحدى المعارك، كما يتمثل بالطيارين اليابانيين الذين كانوا يقودون طائراتهم المحملة بالقنابل لترتطم وتنفجر على سفن الأعداء، بالرغم من كون عملهم مقدما بحتمية موتهم، كما أننا نجد بعض حوادث الانتحار الطقوسي بين بعض القبائل الهندية حيث تنتحر الزوجة بعد وفاة زوجها.
الانتحار «اللامعياري» الأنومي: وهو انتحار الذين لا يسيرون على القواعد التي رسمها المجتمع، فيصبحون بلا معيار يحدد نمط سلوكهم أو طريقة انتمائهم للجماعة، ومن هنا تزداد حالات الانتحار حين تنكسر المعايير الجمعية وتتحطم عناصر الضبط الاجتماعي، أي أن الحياة الاجتماعية الجديدة، بما فيها من قيم وعادات وأخلاق واعتقادات أضحت لا تلائم الأشخاص الذين عاشوا في ظروف وقيم تختلف عن الظروف الحاضرة، فإقدام الفرد على الانتحار يعود للتضارب بين آماله وأهدافه وبين الظروف التي تحيط به بما فيها من عادات وأخلاق وقيم ومعايير مختلفة...
وان عدنا الى هذا الواقع المجحف الذي نتقاسم تضاريسه الجغرافية وزمانه الجائر نجد غالبا معطم الاسباب الدافعة نحو ارتكاب هذا الفعل,وارتفاعه دليل على وجود اخطاء كارثية في ضبط سلوك الافراد بل واندماجهم داخل المجتمع وذويانيتهم في ايجابة الجماعة دون افراط او تفريط,فثلاث حالات انتحار في اسبوع واحد دبجت تقاريرهم كالعادة ملصقة التهمة بالاكتئاب المزمن والمشاكل العائلية وغيرها من الشماعات يدعنا نتسائل عن الاسباب الحقيقية لذلك..وكيفية تخطيها للوصول نحو مجتمع ذو ابعاد اخلاقية وقيمية تضمن للذات قيمتها ومكانتها,فالبطالة والعوز والهشاشة من الاسباب غير المباشرة لتفشي الظاهرة وغيرها من السلبيات التي تهدد الاستقرار المادي والمعنوي للافراد والجريمة واثارهم على الجماعة,كما ان الفهم المغلوط للولاءات الدينية سبب في التدمير,ولعل الذكرى الاخيرة لاحداث 16 ماي تجعلنا نعيد التفكير في تحليل الواقع بطريقة علمية وعملية رغم القراءات المتعددة لذلك والمسيسة احيانا لتلفيق التهمة بعيدا عن المؤسسات وتبرير غابويتنا لضبط التفافنا حول العقد الاجتماعي بنظريته الجون جاك روسوية..
فرغم التقدم المروج اعلاميا ورغم النجاحات الباهتة المسوق لها داخليا و خارجيا يبقى الواقع سيد نفسه ليعبر عن دمار يخترق وجودنا دون أن يحمل أحد صفارات انذار يجوب بها الشوارع منذرا بالكارثة,اللهم بعض المبادرات التي يكون عمرها قصيرا كعمر الفراشات دون ان يلتف حولها الجميع للوقوف على مكامن الخلل وتدبيره بطرق حضارية تجعل الانسان يحس انه انسانا بالفعل وليس الة بشرية تستغل من طرف ترسانة بشرية محكمة تأتي على الاخضر واليابس.
.....
....
لا تعليقات في " هنا الارهاب,هنا منبع التطرف... "