الملك في خطاب تاريخي لاشقائه الافارقة : افتقدتكم
أمام القادة الأفارقة المشاركين في القمة الـ28 للاتحاد الإفريقي، بعد ما تم إعلان يوم أمس الاثنين، بشكل رسمي عودة المملكة لشغل مقعده داخل المنظمة.
افتتح الملك خطابه بالقول: “عدنا إلى مكاننا إفريقيا قارتنا إفريقيا منزلنا، وكلكم أثرتم فينا، لشتقنا إليكم”. ورفع الملك في خطابه شعار “ثورات الأفارقة للأفارقة”.
وشدد الملك على أنه لم ينتظر كثيراً بعد قرار يوم أمس كي يوجه خطابه إلى الحاضرين في القمة، بل اختار أن يتحدث انطلاقاً من قناعة مفادها “كم هي إفريقيا مهمة للمغرب وكم هذا الأخير مهم لها”. كما قال إن المغرب عاد إلى الاتحاد من الباب الكبير.
وتابع الملك في خطابه، أن هذه الساعة هي ساعة العودة إلى المنزل، من أجل المساهمة في تنمية أفريقيا، كما شدد عل أن المملكة لم تغادر القارة، بل استمرت العلاقات مع دولها دون انقطاع.
وقدم الملك الدليل عن عدم انقطاع المغرب عن أفريقيا بالقول، إن الاتفاقيات التي تجمعه بعدد من دولها، بل تضاعفت بعد العام 1995.
وعاد الملك للتذكير بالزيارات المكثفة التي قام بها أخيراً لعدد من الدول الأفريقية، والتي بلغ عددها 46 زيارة لـ25 دولة أفريقيا، توجت بتوقيع عدد من الاتفاقيات في المجالين العمومي والخاص.
وذكر من بينها، المنح الدراسية التي أصبح يستفيد منها عدد من أبناء الدول الإفريقية لمتابعة تكوينهم داخل المغرب، والمشاريع الاستثمارية الاستراتيجية التي دشنها في عدد من الدول.
هنا وقف الملك، عند مشروع خط أنبوب الغاز، الذي من المرتقب أن يربط بين القارة السمراء والقارة الأوروبية، واعتبر الملك محمد السادس، أن هذا المشروع مهم لإفريقيا، أولاً بتسهيل وصول غازها إلى أوروبا، وما له من عائدات مهمة على القارة، وثانياً، ما سيمنحه من تنمية للدول التي سوف يمر عبرها، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية، كذا توطيد العلاقات الثنائية بين الدول التي سوف يشملها هذا المشروع.
إلى ذلك، مر الملك إلى الحديث عن المجال الفلاحي، واعتبر أن إفريقيا ليست الغاز والبترول فقط، بل هي في حاجة إلى تعزيز هذا المجال، ودعمه لكي تتقوى الفلاحة داخل الدول الإفريقية.
كما ذكر بالخلاصات التي تمخضت عن مؤتمر المناخ المنظم أخيراً بمراكش “كوب 22″، وما حمله من مشاريع مهمة لكل القارة، تهم التغيرات المناخية، ودعم قطاع الفلاحة، الذي قال عنه الملك، إن المغرب اعتمد خطة ترتكز على أربعة محاور من بيها، تقوية الاستثمار في المجال، الحفاظ على البيئة، وتعزيز دعم الفلاحين الصغار قصد تنمية مشاريعهم.
وانتقل الملك، للحديث عن مساهمة المغرب في استقرار القارة الإفريقية، عبر مشاركته في عدد من بعثات السلام، وحضوره لحفظه.
ثم انتقل للحديث عن تجربة المغرب الفريدة في تسوية أوضاع المهاجرين القادمين إلى المملكة من دول جنوب صحراء القارة، وشدد على أن المغرب اختار أن لا يبقى هؤلاء فوق ترابه، محرومين من حقهم في الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم، وغير قادرين على الحصول على عمل، لأجل ذلك، تم طرح مبادرة تسوية وضعيتهم، والتي شملت في مرحلتها الأولى 20 ألف مهاجر، قبل أن تنطلق المرحلة الثانية قبل أربعة أسابيع لتسوية وضعية الآلاف الآخرين منهم.
وتطرق الملك كذلك، للوضع الذي يشهده المغرب الكبر (المغرب العربي)، بالتشديد على إعادة التفكير في الوضع الذي يعيشه.
وتابع الملك بهذا الخصوص، أن “المغرب يؤمن دائما، بأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يستمد قوته من الاندماج في فضائه المغاربي. غير أنه من الواضح، أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك”.
وعبر عن أن “الحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينيات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة. ومما يبعث على الأسى، أن الاتحاد المغاربي يشكل اليوم، المنطقة الأقل اندماجا في القارة الإفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع”.
كما شرح الوضع الاقتصادي للمنطقة، بالقول: “الوقت الذي تصل فيه المعاملات التجارية البينية إلى 10 في المائة، بين بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، و19 في المائة بين دول مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية، فإن تلك المبادلات تقل عن 3 في المائة بين البلدان المغاربية”.
وفي السياق ذاته، يتابع الملك، و”بينما تشهد المجموعة الاقتصادية لشرق إفريقيا تطوراً ملحوظاً، في إقامة مشاريع اندماجية طموحة، وتفتح دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مجالاً حقيقياً لضمان حرية تنقل الأشخاص والممتلكات، ورؤوس الأموال، فإن التعاون الاقتصادي بين الدول المغاربية يبقى ضعيفاً جداً. والمواطنون في البلدان المغاربية لا يفهمون هذا الوضع”.
وإذا لم نتحرك، يحذر الملك في خطابه، أو نأخذ العبرة من التجمعات الإفريقية المجاورة، فإن الاتحاد المغاربي سينحل بسبب عجزه المزمن على الاستجابة للطموحات التي حددتها معاهدة مراكش التأسيسية، منذ 28 سنة خلت.
لا تعليقات في " الملك في خطاب تاريخي لاشقائه الافارقة : افتقدتكم "