وداعا الأستاذ الموسوي... وداعا سي عبد الرحمن
يرحل أساتذتنا الواحد تلو الآخر، وفي كثير من الأحيان دون وداع. خلسة كما لو أن الموت يتسلل من نوافذ الغرفة، في الصباحات الباكرة ومن شقوق الأبواب.
عبد الرحمن الموسوي قوة نقدية هادئة ولكنها جارفة... في بداية الثمانينات كان وراء إرساء درس أكاديمي حديث بالمعنى المكتمل للكلمة.. درس متراص كالبنيان، يلقيه دون كلل ويجدده دون ملل... لم يكن الدرس اللساني والسيميائي والبنيوي قد عمت مفاهيمه بشكل شامل... كانت كلية الآداب الرباط قد شقت طريقها وكانت كذلك لمراكش ولكلية الآداب والعلوم الإنسانية طريق ينحته رجالات حملوا المشعل... سي محمد البكري مع بورس وجوليا كريستيفا وبارث وعبد الرحمن الموسوي الذي يبسط أعمال تودوروف وجنيت وباختين... الحوارية والرؤية الكرنفالية للعالم ... أي العالم مقلوبا بحجم النبش في السؤال ... ضد التحنيط الفكري وضد الارتكاس إلى ماضوية مميتة.
لم يكن الأمر عند الموسوي استلابا ولا انبهار من غلبته النظريات ... كان درسه بسطا وتركيبا لأهم المفاهيم... وكنا نتشوق للحضور يوم الأربعاء لنستمتع ونستفيد .. وكان هناك احترام متبادل يفرضه سي عبد الرحمن وينخرط فيه الطلبة...
هو الذي أرشدنا إلى النص الجميل "أعمال فرانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط" ... دون أن ينسى ربطنا بالثقافة المغربية وتعددها..
لا تعليقات في " وداعا الأستاذ الموسوي... وداعا سي عبد الرحمن "