"مطبخ الرواية " ، اصدار علمي جديد للدكتور سعيد العوادي
صدر كتاب جديد للدكتور سعيد العوادي. مولود علمي جديد، وطبق من الأطباق الشهية المعد على نار هادئة ليهنأ به القارئ.
يصنع فن الرواية عالما متخيَّلا يتفاعل مع العالم الواقعي من خلال مبدأي التقاطع والتوازي، ويشغِّل فيه الروائي حُزمة من الحيل بهدف الإيهام بإمكانية تحققه. ويعدّ توظيف الأطعمة والأشربة واحدا من هذه الحيل الإيهامية، التي تجعل للشخصيات الروائية حضورا حيّا وإنسانيا، لا سيما وأن «السِّجِلَّ الغذائي موجود في كل مكان» من حياتنا اليومية.وهكذا، تتضمّن الروايات مطابخ متنوّعة وتزخر بصنوف من الموائد تهيّج الحوّاس، فتكاد تتراءى للقارئ صور جلسات تناول الوجبات وارتشاف الكؤوس وألوان الملذات، ويسمع صرير احتكاك الشوكات بالسكاكين وقرقرة الأشربة ونشيش الطهي، ويشم روائح الأطباق وشذى التوابل وأريج الفواكه، ويتذوّق لذيذ المشهيّات. فتخلق في نفسه حالات سيكولوجية متباينة، كأن توقظ ذكرى ماضوية مطمورة، أو تومض فكرة منطفئة...غير أن النقد الروائي لم يحفل بـ «أطعمة الرواية»، بدليل خلوّ مدونته الواسعة من أي كتاب تفصيليّ استقلّ بتناول هذا المكوّن الحيوي بأي صيغة سواء أكانت وصفية أم تاريخية أم تأويلية. ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى تلك النظرة «الذكورية» التي تحكّمت، بكيفية ما، في التناول النقدي للنصوص الأدبية جملة؛ ولربما عدّ كثير من النقاد «الروايات الطعامية» أدبا من الدرجة الثانية أو الثالثة، وترسّخ في اعتقادهم أن مشاهد الطعام والشراب شأن نسائي خالص، وكأنه موضوع مبتذل لا يليق بوقار النقد أن يخوض فيه، ويعتني بتفاصيله. ولمّا كان المكوّن الطعامي يتموضع، غالبا، ضمن المقاطع الوصفية للرواية، فكثيرا ما كان يلحقه ما يلحق الوصف نفسه من «قراءة القفز» التي يعتمدها كثير من قراء الرواية لطيّ المساحات الوصفية المتّهمة بكبح حركية السرد. وهو ما أفضى، بالضرورة، إلى خفوت الاهتمام بدراسات الوصف عموما، ووصف الطعام على وجه الخصوص.ورغبة منا في إنصاف جهد الروائيين العرب ومحاولة سدّ هذا الخصاص في الدراسات النقدية، عملنا على أن يتّجه كتاب «مطبخ الرواية: الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير» رأسا إلى تناول هذا الموضوع، باعتماد مقاربة موضوعاتية منفتحة على القراءة الثقافية والتناول البلاغي الموسّع.
لا تعليقات في " "مطبخ الرواية " ، اصدار علمي جديد للدكتور سعيد العوادي "